الاثنين، 18 مايو 2009

العامي الفصيح

تجري ألفاظ على لسان العوام يتحرج بعض الإعلاميين واللغويين في استخدامها ظنا منهم أن ما جرى على ألسنة العامة إنما هو من الركيك الواجب تجنبه وأنه بعيد عن دائرة الفصاحة العربية...


والحق أن هذا قول يحتاج لنظر؛ فليس كل ما ينطقه العوام من العامي الركيك بل إن غالبه من العربي الفصيح، وقد يكون فصيحا كما هو على حاله وقد يعتريه أحيانا بعض التحورات، وقد يكون مستعملا عند أغلب العرب وقد يكون لهجة خاصة بإحدى قبائلهم.


ولنأخذ مثلا قول القائل: "فلان مسك الورقة فرتكها" فـ "مسك" صحيحة فصيحة وهي أصل الباب وأمسك لغة فيها لا كما يظن البعض أن أمسك هي الأصل، و"فرتك" صحيحة فصيحة ولها في القاموس نفس المعنى المشهور لدى العوام.


لكن العوام يحورون قليلا في نطقهما، فيقولون في مَسَكَ مِسِكْ، ويقولون في فـَرْتـَكـَها فـََرْتِكـْها.. وهذه الظاهرة طبيعية جدا فمن أين يأتي الناس بلغتهم إن لم يرثوها عن آبائهم، فاللغة موروثة لا مخترعة، لكن قد يتحور النطق قليلا كما أشرنا.


بل إن العوام يراعون أصول وفقه اللغة المدفونة في أعماقهم حين يُدخلون على العربية ما ليس منها، فتراهم يخضعونها غالبا للأوزان العربية، فنسمع كثيرا من يقول: فلان "سَـتَّـب ويندوز" و"فرمت الهارد" وستب على وزن فعَّل وفرمت على وزن فعلل، وهما وزنان صحيحان.


لذلك رأينا أن إنشاء هذا الباب له فوائد جمة، من أهمها:-


- تقليل الفجوة بيننا وبين العربية، فلا شك أنني إن شعرت بأني بعيد عن اللغة الفصيحة وأنه لأكون فصيحا يجب أن أتقعر بكلام ثقيل، لا شك أن هذا سيقلل من همتي للتعلم ومراعاة الفصيح عند الحديث أو الكتابة.


- تيسير لغة التواصل مع الجماهير وهي أهم سمة من سمات العمل الإعلامي.


- توسيع دائرة الاختيار من المفردات.


- تنقية العربية من الدخيل عليها والغلط فيها قد الإمكان.


وإننا نحاول إحياء بعض هذه الألفاظ في وحدة اللغة، لنكون مثلا في استخدامها الاستخدام الصحيح، فعنونا بابا في مدونتنا بـ"فذلكات"، وسنعرف معناها في موضعها إن شاء الله.


وإلى اللقاء مع الدرس الأول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق