إن الخطأ المتكرر الذي يقع فيه جل القارئين غير المتخصصين في علوم اللغة العربية هو القفز فوق المقدمات الضرورية لهذه العلوم، مثل تعريف العلم وفائدته وموضوعه، وغير هذا من المقدمات التي لا بد من توضيحها أولا، فتأتي المعلومات مشوهة في ذهن القارئ ومبتورة، فإذا احتاج إلى تطبيق القاعدة على النظائر المختلفة لم يستطع.
من هذا المنطلق كان لا بد أن نوضح هنا كيف نشأ النحو العربي (موضوع هذه الزاوية) حتى نقف والقارئ على أرض مشتركة تسمح لنا بالتواصل البناء.
نشأة النحو
إن الناظر إلى النشأة التاريخية لعلوم العربية يجدها في مجملها مرتبطة بخدمة القرآن الكريم والسنة المطهرة، فخدمة اللغة الهدف منها خدمة الدين عن طريق صيانة أداته الأساسية (اللغة العربية).
وحادثة نشأة علم النحو خصوصا هي أبرز مثال على ذلك، فيذكر أنه بعد المد الإسلامي في العالم واتساع رقعة الدولة دخل كثير من الشعوب غير العربية في الإسلام، وانتشرت العربية بين هذه الشعوب مما أدى إلى دخول اللحن والغلط فيها.. ويحكى أن أبا الأسود الدؤلي مر برجل يقرأ القرآن، فقال: ((إن الله بريء من المشركين و رسوله))، فكان الرجل يقرأ (رسولِه) مجرورة، أي إنها معطوفة على (المشركين)، وهذا يغير المعنى؛ لأن (رسولُه) مرفوعة، أي إنها معطوفة على لفظ الجلالة الله، فهرع أبو الأسود إلى الإمام علي و شرح له وجهة نظره -أن العربية في خطر - فتناول الإمام علي رقعة ورقية وكتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم.. الكلام اسم وفعل وحرف.. الاسم ما أنبأ عن المسمى.. و الفعل ما أنبأ عن حركة المسمى.. والحرف ما أنبأ عما هو ليس اسما ولا فعلا، ثم قال لأبي الأسود: انحُ هذا النحو.
فما هو علم النحو.. موضوعه والفائدة من دراسته؟ سؤال نطرحه في المقال القادم.. إلى اللقاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق