الأحد، 24 مايو 2009

النحو العربي.. هكذا كانت البداية

إن الخطأ المتكرر الذي يقع فيه جل القارئين غير المتخصصين في علوم اللغة العربية هو القفز فوق المقدمات الضرورية لهذه العلوم، مثل تعريف العلم وفائدته وموضوعه، وغير هذا من المقدمات التي لا بد من توضيحها أولا، فتأتي المعلومات مشوهة في ذهن القارئ ومبتورة، فإذا احتاج إلى تطبيق القاعدة على النظائر المختلفة لم يستطع.


من هذا المنطلق كان لا بد أن نوضح هنا كيف نشأ النحو العربي (موضوع هذه الزاوية) حتى نقف والقارئ على أرض مشتركة تسمح لنا بالتواصل البناء.


نشأة النحو


إن الناظر إلى النشأة التاريخية لعلوم العربية يجدها في مجملها مرتبطة بخدمة القرآن الكريم والسنة المطهرة، فخدمة اللغة الهدف منها خدمة الدين عن طريق صيانة أداته الأساسية (اللغة العربية).


وحادثة نشأة علم النحو خصوصا هي أبرز مثال على ذلك، فيذكر أنه بعد المد الإسلامي في العالم واتساع رقعة الدولة دخل كثير من الشعوب غير العربية في الإسلام، وانتشرت العربية بين هذه الشعوب مما أدى إلى دخول اللحن والغلط فيها.. ويحكى أن أبا الأسود الدؤلي مر برجل يقرأ القرآن، فقال: ((إن الله بريء من المشركين و رسوله))، فكان الرجل يقرأ (رسولِه) مجرورة، أي إنها معطوفة على (المشركين)، وهذا يغير المعنى؛ لأن (رسولُه) مرفوعة، أي إنها معطوفة على لفظ الجلالة الله، فهرع أبو الأسود إلى الإمام علي و شرح له وجهة نظره -أن العربية في خطر - فتناول الإمام علي رقعة ورقية وكتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم.. الكلام اسم وفعل وحرف.. الاسم ما أنبأ عن المسمى.. و الفعل ما أنبأ عن حركة المسمى.. والحرف ما أنبأ عما هو ليس اسما ولا فعلا، ثم قال لأبي الأسود: انحُ هذا النحو.


فما هو علم النحو.. موضوعه والفائدة من دراسته؟ سؤال نطرحه في المقال القادم.. إلى اللقاء.

الثلاثاء، 19 مايو 2009

أيام الأسبوع ومعانيها

السبت: معناه اللغوي القطع، وإنما سمي سَبْتاً لأَن ابتداء الـخـلق كان من يوم الأَحد إلـى يوم الـجمعة ولـم يكن فـي السَّبْت شيء من الـخـلق، قالوا فأَصبحتْ يومَ السَّبْتِ مُنْسَبِتَةً، أَي قد تَمَّتْ وانْقَطَع العملُ فـيها.


وقـيل سمي بذلك لأَن الـيهود كانوا يَنْقَطِعون فـيه عن العمل والتصرف (انظر لسان العرب مادة سبت والقاموس المحيط).


الجمع: أَسبُتٌ وسُبُوتٌ


حكمه: الإفراد والتذكير.


الأَحَد: معناه اليوم الأول في الأسبوع بناء على ما ذكر في مادة سبت. (انظر لسان العرب مادة وحد)


الجمع: آحاد وأُحْدَان


حكمه: الإفراد والتذكير.


الإثنين: بمعنى اليوم الثاني بناء على ما ذكر في مادة سبت، ولنا أن نعتبره علما، فيلزم الإفراد والتذكير وقطع همزته. (انظر لسان العرب مادة ثني والقاموس المحيط).


الجمع: أَثْناء وأَثانـين


حكمه: الإفراد والتذكير وقطع الهمزة.


الثُّلاثاء و الثَّلاثاء: بمعنى اليوم الثالث بناء على ما ذكر في مادة سبت. (انظر المعجم الكبير مادة ثلث والقاموس المحيط)


الجمع: ثلاثاوات، وثلاثاءات، وأثالث


حكمه: الإفراد والتذكير


الأَرْبـِـعاء والأَرْبَعَاء والأَرْبُعاء: الـيوم الرابع من الأُسْبوع بناء على ما ذكر في مادة سبت. (انظر لسان العرب مادة ربع والقاموس المحيط).


الجمع: أربعاوات، أربعاءات


حكمه: الإفراد والتذكير


الخميس: الـيوم الخامس من الأُسْبوع بناء على ما ذكر في مادة سبت. (انظر لسان العرب مادة خمس والقاموس المحيط)


الجمع: أَخْمسة وأَخْمساء وأَخامِس.


حكمه: الإفراد والتذكير


الـجُمْعة والـجُمُعة والـجُمَعة: سمّي بذلك لاجتماع الناس فـيه. (انظر لسان العرب مادة جمع والقاموس المحيط)


الجمع: جُمُعات وجُمَع


حكمه: الإفراد والتأنيث، إلا إذا سبقته كلمة يوم فيكون حكمه التذكير.


جاء محمد الجمعة الماضية، وجاء يوم الجمعة الماضي.


الخلاصة:


* كل أيام الأسبوع المختار فيها التذكير والإفراد، ماعدا الجمعة.


فتقول مضى السبت بما فيه، والأحد بما فيه، والإثنين بما فيه، والثلاثاء بما فيه، والأربعاء بما فيه، والخميس بما فيه، ومضت الجمعة بما فيها.


* جمع كلمة يوم (أيام)، ويشار إليها بـ هذه، ويعاد عليها الضمير بالمفردة المؤنثة، نقول: هذه الأيام مضت بما فيها؛ وذلك لأن جمع التكسير يعامل معاملة المفردة المؤنثة.


* إذا سبق لفظ (الجمعة) بكلمة (يوم) لزم الإفراد والتذكير، فتقول مضى يوم الجمعة بما فيه.


* همزة يوم الإثنين همزة قطع على الأرجح وهو المختار، على اعتباره علما.

مقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.


إن وحدة اللغة العربية هي صمام الأمان للرسالة التي تريد "إسلام أون لاين.نت" أن تنقلها إلى الناس، وواجبنا داخل الوحدة يتلخص في نقل المعنى الصحيح للجمهور بلغة عربية سليمة وسهلة، قوية وواضحة، على أن يتم ذلك بسرعة عالية ودقة متناهية ما أمكن ذلك.


ولكي نؤدي هذا الواجب المنوط بنا فكرنا داخل الوحدة في كيفية للرقي بالأسلوب اللغوي للمؤسسة، من خلال التواصل المستمر والفعال مع زملائنا المحررين، نرشد ونسترشد، نفيد ونستفيد، ونضع منهجنا بين أيديهم متعاونين على الوصول إلى أفضل ما يمكن.


منهج العمل


- رجحنا صورا معينة فيما يخص البلدان والأعلام، بناء على قواعد لغوية واضحة، فصلناها في موضعها.


- صغنا قواعد النحو والصرف بطريقة سهلة ومباشرة، مدعومة بالأمثلة التوضيحية المنتقاة من واقع بيئة العمل، مع مراعاة أن نبدأ بما اشتهر من الأخطاء أو بما تدعو الحاجة لتناوله أولا، حتى لو خالف منهج العرض المتوافق عليه لدى اللغويين، لأن هدفنا الأول هو تحسين الواقع.


- عرضنا قواعد الإملاء بصورة ميسرة، مدعومة بالأمثلة التوضيحية المنتقاة من واقع بيئة العمل أيضا، مع مراعاة أن نبدأ بما اشتهر من الأخطاء أو بما تدعو الحاجة لتناوله أولا.


- جمعنا طرفا مما اشتهر بين الناس على أنه عامي ركيك وهو في حقيقة الأمر من العربي الفصيح؛ وبينا وجه الصحة فيه ليكون بذلك متسعا للإعلاميين فيستخدمون لغة قريبة من الناس وفي ذات الوقت فصيحة، ولاشك أن لغة الإعلام تتعطش لمثل هذا النوع من الألفاظ.


- وضعنا بين يدي قارئينا طرفا مما استظرف من علوم البلاغة ليكون عونا لهم في فهم وجوه تحسين الكلام، وبينا مدى حاجة العمل الإعلامي لفهم هذه الأساليب البلاغية بالأمثلة من واقع بيئة العمل.


- راعينا ما يحتاج إلى تفصيل خاص من الأساليب فقدمناه بصورة مستقلة مع ربطه بما يقع تحته من العلوم.


- أنشأنا صفحة خاصة للتواصل معنا نقدم من خلالها الاستشارات، ونستمع للملاحظات والتعليقات، آملين أن يتعاون الجميع لتطوير الفكرة والارتقاء بها؛ لعل هذه المدونة في يوم ما تكون قبلة للإعلاميين واللغويين.


آلية العمل


- رصد ما يظن من الأخطاء.


- إيجاد مخرج لغوي إن أمكن، وعند إيجاد هذا المخرج فإننا لا نخطئ استعمالا، لكن:-


- قد نرجح واحدا من الاحتمالات ونعتمده لأسلوب الكتابة داخل المؤسسة، ما لم يكن للأسلوب دلالة بلاغية مقصودة، مراعين في ذلك الأشهر والأكثر استعمالا أو الأفصح ومراعين كذلك التحولات الدلالية للألفاظ.


- إن كان الاستعمال خطأ لا محالة صححناه بما يقتضيه السياق والمعنى.


- اعتمدنا في كتابة الأعلام على قواعد إما مقررة لدى مجمع اللغة العربية بالقاهرة، أو مستقاة من أبحاث نشرت في مجلة المجمع.


- نقوم برصد القضايا اللغوية التي تحتاج إلى بحث ليتم بحثها ودراستها داخل القسم، حتى تصير هذه البحوث دستورا لغويا للعاملين بالوحدة يرجع إليه وقت الحاجة.


- يتم تحديث المدونة بشكل دوري (مرتين أسبوعيا بصورة مؤقتة) لتصبح بمثابة مجلة لغوية ترصد الأخطاء وتناقش القضايا اللغوية.


- من حق جميع الزملاء اقتراح قضايا لغوية للبحث، أو التوجيه بما يرون فيه مصلحة العمل، على أن يكون الاعتماد اللغوي النهائي من عمل وحدة اللغة العربية.


وأخيرا..


فإن وحدة اللغة ترجو من المولى عز وجل أن يهدي قلوب إخواننا في المؤسسة إلى التعاون معنا وتوجيه النصح لنا، حتى يخرج هذا العمل في صورة نأمل أن ترضي عنا الواحد العليم.. والله المستعان


وحدة اللغة العربية


إسلام أون لاين.نت




الاثنين، 18 مايو 2009

فذلكات

من الطبيعي أولا في هذه الزاوية أن نزيل الالتباس حول كلمة فذلكة، وهي -كما قدمنا في زاوية العامي الفصيح- مما اشتهر على لسان العوام حتى ظنها البعض من الركيك المتروك، لكنك حين تقارن بين دلالة استخدامها عند العوام والمنصوص عليه في معاجم اللغة تجد الارتباط وثيقا، ففي المعاجم:(فذلك حسابه: أنهاه وفرغ منه، والفذلكة: مجمل ما فصل وخلاصته، وفذلك يفذلك فذلكة: أجمل ما فصله، والجمع فذلكات، وهي منحوتة من قولهم: فذلك كذا وكذا...).


وفذلك على وزن فعلل، وهذا الوزن متعد في العربية، بمعنى أنه لابد له من مفعول، والعامة قاست منه تفذلك على وزن تفعلل للدلالة على اللازم منه، ومعنى فذلك فلان القضية: أجملها بعد تفصيل، وتفذلك فلان: صارت له القدرة على الإجمال ببراعة، وهي مهارة لا تتوفر لكل الناس بل يؤتيها الله من شاء من خلقه.


ولن يخرج مضمون هذه الزاوية عن هذه المعاني للكلمة، فسنحاول فيها عرض خلاصات لغوية بدقة ومهارة بقدر ما يوفقنا الله لذلك، ولن تخلو هذه الخلاصات إن شاء الله من ظرف وطرافة، حتى تكون أيسر على الفهم وأسرع للقبول، سائلين الله تعالى التوفيق، وإلى اللقاء مع أولى الفذلكات.


العامي الفصيح

تجري ألفاظ على لسان العوام يتحرج بعض الإعلاميين واللغويين في استخدامها ظنا منهم أن ما جرى على ألسنة العامة إنما هو من الركيك الواجب تجنبه وأنه بعيد عن دائرة الفصاحة العربية...


والحق أن هذا قول يحتاج لنظر؛ فليس كل ما ينطقه العوام من العامي الركيك بل إن غالبه من العربي الفصيح، وقد يكون فصيحا كما هو على حاله وقد يعتريه أحيانا بعض التحورات، وقد يكون مستعملا عند أغلب العرب وقد يكون لهجة خاصة بإحدى قبائلهم.


ولنأخذ مثلا قول القائل: "فلان مسك الورقة فرتكها" فـ "مسك" صحيحة فصيحة وهي أصل الباب وأمسك لغة فيها لا كما يظن البعض أن أمسك هي الأصل، و"فرتك" صحيحة فصيحة ولها في القاموس نفس المعنى المشهور لدى العوام.


لكن العوام يحورون قليلا في نطقهما، فيقولون في مَسَكَ مِسِكْ، ويقولون في فـَرْتـَكـَها فـََرْتِكـْها.. وهذه الظاهرة طبيعية جدا فمن أين يأتي الناس بلغتهم إن لم يرثوها عن آبائهم، فاللغة موروثة لا مخترعة، لكن قد يتحور النطق قليلا كما أشرنا.


بل إن العوام يراعون أصول وفقه اللغة المدفونة في أعماقهم حين يُدخلون على العربية ما ليس منها، فتراهم يخضعونها غالبا للأوزان العربية، فنسمع كثيرا من يقول: فلان "سَـتَّـب ويندوز" و"فرمت الهارد" وستب على وزن فعَّل وفرمت على وزن فعلل، وهما وزنان صحيحان.


لذلك رأينا أن إنشاء هذا الباب له فوائد جمة، من أهمها:-


- تقليل الفجوة بيننا وبين العربية، فلا شك أنني إن شعرت بأني بعيد عن اللغة الفصيحة وأنه لأكون فصيحا يجب أن أتقعر بكلام ثقيل، لا شك أن هذا سيقلل من همتي للتعلم ومراعاة الفصيح عند الحديث أو الكتابة.


- تيسير لغة التواصل مع الجماهير وهي أهم سمة من سمات العمل الإعلامي.


- توسيع دائرة الاختيار من المفردات.


- تنقية العربية من الدخيل عليها والغلط فيها قد الإمكان.


وإننا نحاول إحياء بعض هذه الألفاظ في وحدة اللغة، لنكون مثلا في استخدامها الاستخدام الصحيح، فعنونا بابا في مدونتنا بـ"فذلكات"، وسنعرف معناها في موضعها إن شاء الله.


وإلى اللقاء مع الدرس الأول

قواعد إملائية

الكتابة عبارة عن رموز يتفق عليها أهل لغة ما للتعبير عن لغتهم، ولكل لغة رمزها ومنطقها في استخدام هذا الرمز، وأي خلل في هذا الاستخدام يُحدث لبسا في فهم المعنى المقصود، أو على الأقل يؤثر على التلقي سلبا.


قد يقول قائل: هل دراسة الرسم الإملائي تعني التشدد في استخدام الرموز؛ بحجة أنه لا حاجة لذلك مادام المعنى مفهوما؟


ومثل هذا السؤال يعكس قلة وعي بفقه لغة العرب، لأن وضع الهمزة يبين الحالة الإعرابية التي عليها الكلمة، ورسمها قد يغير معنى الكلام تغييرا كبيرا، فمثلا قولنا: فضُل أحمد زملاؤه تختلف عن قولنا: فضُل أحمد زملاءه، وليس بينهما فرق إلا اختلاف رسم الهمزة في كلمة (زملاؤه زملاءه).


وقد اتبعنا في هذه الزاوية منهجا نرى أنه الأنجع بالنظر إلى الفئة المستهدفة من هذه المدونة (الإعلاميين)، وهو:


* طرح المسائل الإملائية التي يكثر فيها الخطأ، فنضع نماذج للأخطاء ونضع أمامها الصواب، مذيلين المسألة بالقاعدة المستنبطة والتي تعصم من الوقوع في خطأ مشابه.


* طرح نماذج من الواقع العملي لأخطاء إملائية وتوضيح أثرها على المعنى.


وإلى اللقاء مع أول درس في الإملاء

مسائل نحوية

تهدف علوم العربية كلها لبناء سليقة لغوية سليمة، وتكوين حس لغوي مرهف، ومن هذا المنطلق نطرح المسائل النحوية داخل هذه الزاوية، غير ملتزمين بمنهج النحويين في ترتيب عرض قضاياهم، ولا متبعين أسلوبهم في مناقشتها، وذلك لأننا رأينا أن هذا المنهج وذلك الأسلوب لا يحققان الهدف المنشود، وهو تكوين سليقة لغوية وحس مرهف لدى الإعلامي بدون الغوص في تفاصيل تهم المتخصص فقط.


وبناء على ذلك اعتمدنا المنهج التالي في طرح المسائل النحوية:


· بناء أرضية نحوية ضرورية لثقافة الإعلامي تمكنه من التواصل مع ما نطرح من مسائل، والإلمام بالمصطلحات الأساسية لهذا العلم.


· مناقشة المسائل التي يشيع فيها الخطأ وتوضيح موقف الوحدة منها.


· ترجيح أسلوب نحوي معين إذا تساوى أسلوبان في الصحة اللغوية، بناء على اعتبارات أخرى، منها الشهرة على سبيل المثال، أو القرب من لغة العامة...الخ.


· مناقشة بعض القواعد اللغوية مع التركيز على فلسفة وضعها ليتسنى للإعلاميين فهم منطق العربية ونسقها العام؛ وهو ما ييسر عليهم التواصل مع علومها المختلفة، ويجعلهم أكثر تمكنا من أدواتها وأكثر قدرة على الصياغة في سهولة وفصاحة متلازمتين.


وإلى اللقاء مع الدرس الأول

بلاغة العربية

يظن كثيرون أن لا حاجة للإعلامي بعلوم البلاغة، فالإعلام يعتمد اللغة السهلة المباشرة والقريبة إلى لغة العامة منهجا، وهذا حق في أغلبه، لكن هذا المنطق في التفكير هو منطق بلاغي أصلا، لأن البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.. فمطابقة الكلام لمقتضى أهداف العمل الإعلامي روعيت، ويبقى أن تراعى الفصاحة.. وهذا هو هدفنا من هذه الزاوية في مدونتنا.


بمعنى آخر: تسعى وحدة اللغة العربية إلى أن تنشئ بأبسط الأدوات الممكنة حسا لغويا مرهفا عند الإعلامي تجاه المفردات والتراكيب اللغوية، ليس من جهة الصحة اللغوية فحسب، ولكن من جهة الذوق اللغوي أيضا.


ومنهجنا في سبيل تحقيق ذلك يعتمد على:


· إبراز نماذج من العربية الفصيحة وشرح ما فيها بأسلوب علمي موجز.


· مناقشة بعض التراكيب الإعلامية، وإبراز مدى اقترابها أو ابتعادها من مستوى الفصاحة اللغوية، ثم اقتراح الأفضل بلاغة بهدف إعمال العقل والذوق.


وأخيرا، لابد أن يؤمن الإعلامي بأن البلاغة في الكلام العربي هي قمة الإعجاز اللغوي الممكن الذي لا يضاهيه شيء في لغة أخرى، وهي قمة المتعة لمن تأمل، فما من شيء يستثير المتلقي ويمتع شعوره ووجدانه مثل أساليب العرب البلاغية، وتأمل معي لتوقن بذلك قول بشار:


إذا كنت في كل الأمور معاتبا *** أخاك لم تلق الذي لا تعاتبه

فـعش واحـدا أو صل أخاك فإنه *** مقـارف ذنب مـرة ومجانبه

وأي الناس ترضى سجاياه كلها *** كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه


وإلى اللقاء مع الدرس الأول

البلدان والأعلام

أسماء البلدان والأعلام مطردة في لغة الإعلام، وكثيرا ما تتفاوت صورتها في الكتابة بشكل مربك، مما يضع القارئ في حيرة من أمره أمام النطق الصحيح للاسم محل الاختلاف، وأحيانا نجد هذا الاختلاف في الموقع الواحد، بل في الموضوع الواحد، ولنأخذ مثلا: كوندوليزا رايس أم كونداليزا أم كوندليزا، ولا شك أن لكل صورة نطقا مختلفا عن الآخر.


وعلى هذا كان لابد من منهج موحد للكتابة في الموقع الواحد على الأقل، ناهيك عن الموضوع الواحد أصلا، وهذا المنهج هو ما تحاول وحدة اللغة العربية تجميعه وإبرازه، آملين أن يلقى القبول لدى الإعلاميين، حتى تتوحد لغة خطابهم.


ولقد استقينا هذا المنهج من القواعد المنصوص عليها في مجامع اللغة العربية (في البحوث والدوريات والقرارات المنشورة)، خاصة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مع الاستفادة مما ينتجه المغاربة والشاميون في هذا الشأن إذا تيسر ذلك.


أما منهجنا في كتابة الأعلام والبلدان فهو كالآتي:


* المقصود بالعلم هنا: الشخصيات الحقيقية والاعتبارية كأسماء البلاد والجماعات والمؤسسات والهيئات.. والبلدان نظرا لكثرتها استحقت أن نفصلها في باب خاص بها حتى يسهل الرجوع إليها عند الحاجة.


* أما الأعلام الأعجمية فيتبع فيها ما يلي:


1- يكتب العلم الأجنبي بحسب نطقه في لغته الأصلية، ويرجع في هذا لأهل التخصص من دارسي اللغات الأجنبية أو المقيمين ببلادهم، مثل: barak obama يكتب باراك أوباما.


2- الأعلام الأجنبية المبدوءة بحرف ساكن يتبع فيها قاعدة عدم النطق بالساكن، وهي:


- وضع ألف الوصل قبله.


- تشكيل هذه الألف بحسب الحرف الثالث، فإن كان ثالثها مفتوحا أو مكسورا شكلت الهمزة بالكسرة، وإن كان ثالثها مضموما شكلت الألف بالضمة.


- تحول ألف الوصل هذه إلى ألف قطع، لأن الأعلام في العربية مقطوعة الهمزة قولا واحدا.


- مثال: Stockholm:


سْتُوكهولم===> اسْتُوكهولم===> أُسْتُوكهولم


3- الأعلام المعربة قديما تكتب كما كتبها ونطقها الأسلاف، مثل: africa فقد عربها القدامي بـ إفريقيا أو إفريقية، ونحن نكتب إفريقيا للعلم وإفريقية للمنسوب إليها حتى لا يحدث لبس.


4- إذا تعددت صور التعريب رجح ما اشتهر في الاستخدام وكثر، مثل: إنكلترا وإنجلترا، فالمشهور هو الثاني.


5- قد يرجح الأقل نظرا لاعتبار آخر أهم، مثل: كوسوفو وكوسوفا، فالثاني أقل استخداما لكننا نرجحه لأن المسلمين هناك ينطقونها بالألف أما الصرب فهم من ينطقها بالواو، وهي أصلا تحريف لكلمة القصوى التي أطلقتها الخلافة العثمانية على تلك البلاد.


* وإلى اللقاء مع الجدول الجامع